ثُمَّ يَبْقَى فِي هَذَا الْفَصْلِ الَّذِي فَرَغْنَا مِنْهُ إِشْكَالٌ عَلَى كُلِّ مَنِ اخْتَارَ اسْتِفْتَاءَ الْقَلْبِ مُطْلَقًا أَوْ بِقَيْدٍ، وَهُوَ الَّذِي رَآهُ الطبري، وذلك أَنَّ حَاصِلَ الْأَمْرِ يَقْتَضِي أَنَّ فَتَاوَى الْقُلُوبِ وَمَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النُّفُوسُ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ التَّشْرِيعُ بِعَيْنِهِ، فَإِنَّ طُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ (وسكون) (?) الْقَلْبُ مُجَرَّدًا عَنِ الدَّلِيلِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ (تِلْكَ) (?) الْأَخْبَارُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ (بِتِلْكَ) (?) الْأَدِلَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فَقَدْ صَارَ ثَمَّ قسم ثالث غير الكتاب والسنة، وهو (عين) (?) مَا نَفَاهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا تُعْتَبَرُ فِي الْإِحْجَامِ دُونَ الْإِقْدَامِ، لَمْ (تَخْرُجْ) (?) (بذلك) (?) عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ فِعْلٌ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ به حكم شرعي، وهو الجواز أو عدمه، وَقَدْ عُلِّقَ ذَلِكَ بِطُمَأْنِينَةِ النَّفْسِ أَوْ عَدَمِ طمأنينتها، فإن كان ذلك عن دليل: (فالحكم مبني على الدليل لا على نفس الطمأنينة أو عدمها وإن لم يكن عن دليل) (?) فهو ذلك الأول بعينه (فالإشكال) (?) بَاقٍ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
وَالْجَوَابُ: / أَنَّ الْكَلَامَ الأوّل صحيح، وإنما النظر في تحقيقه.