/قَالُوا: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَرَدَتْ بِالْعَمَلِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْعَامِلَ بِهِ لَنْ يَضِلَّ، وَلَمْ يَأْذَنْ (لِأَحَدٍ) (?) فِي الْعَمَلِ بِمَعْنًى ثَالِثٍ غَيْرِ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ ثَالِثٌ لَمْ يَدَعْ بَيَانَهُ، (فَدَلَّ) (?) على (أنه) (?) لا ثالث، و (أن) (?) من ادَّعَاهُ فَهُوَ مُبْطِلٌ.
قَالُوا: فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّهُ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ سنَّ لِأُمَّتِهِ وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ قَوْلُهُ: (اسْتَفْتِ قَلْبَكَ) (?)، وَقَوْلُهُ: (الْإِثْمُ حُوَّازُ) (?) الْقُلُوبِ) (?) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
قُلْنَا: لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ لَكَانَ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِأَمْرِهِ بِالْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إذا صحَّا مَعًا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ تَرِدْ بِمَا اسْتَحْسَنَتْهُ النُّفُوسُ وَاسْتَقْبَحَتْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ وَجْهًا ثَالِثًا لَوْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنَ الدِّينِ عَنْهُمَا، (وَلَيْسَ) (?) بِخَارِجٍ، فَلَا ثَالِثَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ: (اسْتَفْتِ قَلْبَكَ) وَنَحْوَهُ أَمْرًا لِمَنْ لَيْسَ فِي مَسْأَلَتِهِ نَصٌّ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ، فَيُعَدُّ وَجْهًا ثَالِثًا.
قُلْنَا: (لَا يَجُوزُ) (?) ذَلِكَ لِأُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ كُلَّ مَا لَا نَصَّ فِيهِ بِعَيْنِهِ قَدْ نُصِبَتْ عَلَى حُكْمِهِ دَلَالَةٌ، فَلَوْ كَانَ فَتْوَى/ الْقَلْبِ، وَنَحْوِهِ دَلِيلًا لَمْ يَكُنْ (لِنَصْبِ) (?) الدَّلَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ معنى، فيكون/ عبثاً، وهو باطل.