اسْتِحْسَانًا، أَيْ قِيَاسًا مُسْتَحْسَنًا، وَكَأَنَّهُ/ نَوْعٌ مِنَ الْعَمَلِ بِأَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ، وَهُوَ يَظْهَرُ مِنِ اسْتِقْرَاءِ مَسَائِلِهِمْ فِي الِاسْتِحْسَانِ بِحَسَبِ النَّوَازِلِ الْفِقْهِيَّةِ.

بَلْ قَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ/ الِاسْتِحْسَانَ تِسْعَةُ أعشار العلم (?). ورواه أَصْبُغُ (?) عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.

قَالَ أَصْبُغُ فِي الِاسْتِحْسَانِ: قَدْ يَكُونُ أَغْلَبَ مِنَ القياس (?).

وجاء عن مالك: إن المغرق فِي/ الْقِيَاسِ يَكَادُ يُفَارِقُ السُّنَّةَ (?).

وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ قَبْلُ، وَأَنَّهُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ الْمُجْتَهِدُ بِعَقْلِهِ/ أَوْ أَنَّهُ دَلِيلٌ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ تَعَسُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَلَا أَغْلَبَ مِنَ الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ.

/وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الِاسْتِحْسَانُ إِيثَارُ تَرْكِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّرَخُّصِ، (لِمُعَارَضَةِ) (?) مَا يُعَارَضُ بِهِ فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهِ، وقسَّمه أَقْسَامًا عدَّ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامِ، وَهِيَ: تَرْكُ الدَّلِيلِ للعرف، وتركه للمصلحة، (وتركه للإجماع) (?)، وتركه (في اليسير) (?) لِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ (وَإِيثَارِ التَّوْسِعَةِ) (?).

وحدَّه غَيْرُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ: اسْتِعْمَالُ مَصْلَحَةٍ جُزْئِيَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ قِيَاسٍ كُلِّيٍّ. قَالَ: فَهُوَ تَقْدِيمُ الِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ عَلَى الْقِيَاسِ.

وَعَرَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَقَالَ: الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي يَكْثُرُ استعماله حتى يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015