الْمِثَالُ التَّاسِعُ:
إِنَّ الْعُلَمَاءَ نَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ الْكُبْرَى لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا لِمَنْ نَالَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى فِي عُلُومِ الشَّرْعِ (?)، كَمَا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا أَيْضًا ـ أَوْ كَادُوا أَنْ يَتَّفِقُوا ـ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يحصل إلا لمن رقي (رُتْبَةِ) (?) الِاجْتِهَادِ (?)، وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلَكِنْ إِذَا فُرِضَ خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ يَظْهَرُ بَيْنَ النَّاسِ، وَافْتَقَرُوا إِلَى إِمَامٍ يُقَدِّمُونَهُ لِجَرَيَانِ الْأَحْكَامِ وَتَسْكِينِ ثَوْرَةِ الثَّائِرِينَ، وَالْحِيَاطَةِ عَلَى دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الْأَمْثَلِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ (?)، لِأَنَّا بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُتْرَكَ النَّاسُ فَوْضًى، وَهُوَ عَيْنُ الْفَسَادِ وَالْهَرَجِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَدِّمُوهُ فَيَزُولُ الْفَسَادُ بَتَّةً، وَلَا يَبْقَى إِلَّا فَوْتُ الِاجْتِهَادِ، وَالتَّقْلِيدُ كَافٍ بِحَسَبِهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ/ هَذَا فَهُوَ نَظَرٌ مَصْلَحِيٌّ يشهد له وضع أصل الإمامة (بل هو) (?) مَقْطُوعٌ/ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَفْتَقِرُ فِي صِحَّتِهِ وَمُلَاءَمَتِهِ إِلَى شَاهِدٍ.
هَذَا ـ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ (مخالفاً) (?) لما نقلوا من الإجماع (فإن