السياسي الحاضر في العالم الإسلامي لدليل بالغ على عمل يد الله في التاريخ، واستشاراته لديانة المسيحية لكي تقوم بالعمل (يشير بذلك الى كثرة الابواب التي أصبحت مفتحة في العالم الإسلامي على مصاريعها، ان ثلاثة أرباع العالم الإسلامي تعتبر الآن سهلة الاقتحام على الارساليات التبشيرية ان في الإمبراطورية العثمانية، وفي غرب شبه جزيرة العرب وفي ايران، والتركستان والأفغان، وطرابلس الغرب، ومراكش سدودا في وجه التبشير، ومن هناك مائة وأربعون مليونا من المسلمين في الهند، وجاوة والصين، ومصر وتونس والجزائر يمكن أن يصل اليهم التبشير بسهولة.

وكانت الغطرسة التي جبل عليها الاستعمار تمنعه من أن يتساوى مع غيره من شعوب العالم التي هي من غير جنسه، فكان يرى أن هذه الشعوب ناقصة في خلقها وتكوينها الفسيولوجي لأنها لم تكن على درجة كبيرة من الذكاء والخلق اللذين يخولانها بتسيير شؤونها والقيام على مصالحها قياما كاملا بخلاف الجنس الاوربي.

هذه هي فلسفة التي يتبجح بها في استعباد الشعوب التي هي من غير جنسه، وحجته في ذلك العروق الجنسية، لأنه يرى أن عرقه أفضل من جميع العروق البشرية في الذكاء، ولهذا فهو أحق بالإشراف على مصالح هذه الشعوب.

حاول الاستعمار بكل ما أوتي من قوة ودهاء أن يبدل طباع هذه الشعوب وخلقها حتى تلتحق بطباعه وخلقه فمنع منعا باتا تعليم لغتها وتاريخها وآدابها القومية من الدراسة في المعاهد واستبدالها بلغته وتاريخه وآدابه.

ولم يدر الاستعمار بأن القواعد التي تقوم عليها حياة المجتمع هي وليدة الخلق، والخلق يتألف من امتزاج مختلف عناصر الشخصية التي يطلق عليها اسم المشاعر، وقد تتغير الصفة الذهنية بالتربية تغيرا قليلا.

أما الصفة الخلقية فإنها تتقلب من سلطان التربية تقلبا تاما، والتربية عندما تؤثر في الصفات الخلقية لا يكون هذا التأثير إلا عند ذوي الطبائع المحايدة لدى الأفراد، وقلما توجد في أمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015