الباطل مع كثرة جيوشه، وقضى على جبروت الاستعمار وغطرسة القادة الفرنسيين، وعلى العنصرية البغيضة والأنانية الجامحة، والنظريات المتطرفة والعقليات المتحجرة ..

كانت سياسة فرنسا سياسية عدم تفاهم مع جميع الشعوب التي تحت سيطرتها، ولهذا كانت دائما تفضل الحرب على التفاهم، وهذه السياسة التقليدية استعملتها في الهند الصينية، وتونس والمغرب العربي رغم معاكسات الظروف لها، وانفردت بها عن بقية الاستعمار العالمي، بحيث بقيت وحدها متمسكة بنظريتها الرجعية التي أكل وشرب عليها الدهر، ولولا ثورة الجزائر الكبرى أرجعتها إلى صوابها حتى أصبحت تتفاهم مع مستعمراتها في الشرق والغرب لكانت لا تزال تواصل الحرب معها الى الآن والى الغد ...

وكل حكومة من حكومات فرنسا صعدت الى الحكم في إبان الثورة الجزائرية الا واستعملت القوة أكثر من الحكومة التي سبقتها ... فحكومة (قى مولى) الاشتراكية هي التي أوصلت الجزائر الى الهوة السحيقة بتشددها واستعمال القوة الرادعة في وجه الجزائريين ولو أبدت استعدادا للمفاهمة أو على الأقل تطبيق برامج حزبها الاشتراكي بشرط أن تكون مخلصة فيه، فلعل لم تصل الحالة الى ما وصلت اليه ...

ولما غادر (قى مولى) الحكم أصبح يحمل لواء المعارضة ويحث الحكومة التي أخلفته على التفاهم مع الجزائريين. ويقول في تصريحاته الكثيرة (الانتصار بالقوة مستحيل).

وهذا الجنرال ديغول لعل الرجل الوحيد الذي يستطيع أن ينفذ ارادته، ولا يخشى من المعارضة، لما صعد الى الحكم أخذ في استعمال القوة أضعافا مضاعفة على ما كان عليه أسلافه، ولم يقبل الوساطة ولا التفاهم مع الجبهة المسيرة للشعب الجزائري، وكان يراوغ ليغالط الرأي العام العالمي، وظهر من أول صعوده الى الحكم بمظهر محرر الشعوب، فجدد الدستور ومنح الأقطار الافريقية السوداء استقلالها الشيء الوحيد الذى من أجله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015