طبق العمال الفرنسيون هذه الأوامر الصادرة اليهم من القيادة العسكرية في الجزائر بكل دقة ومهارة غير مكترثين بحكومة جلالة الملك، ولما حان وقت السفر أقلعت طائرة الملك صباحا، وتظاهر العمال الفرنسيون بإصلاح الطائرة التي تنقل الزعماء الجزائريين، وكان هذا الاصلاح مقصودا ليفصلوا بين جلالة الملك والزعماء، وفي المساء أقلعت هذه الطائرة فتعرضت لها السلطة العسكرية الفرنسية في الجو، وأرغمتها على التوجه الى الجزائر والنزول في مطار دار البيضاء، وسرعان ما امتثل سائق الطائرة، ونزلت في أول الليل في المطار المذكور.

وجد الزعماء الخمس الشرطة في انتظارهم فقيدوهم وساقوهم الى السجن، وبهذه العملية خرقت الحكومة الفرنسية القوانين الدولية ولم تبال بالاتفاقيات التي بينها وبين الملك، ولم تحترم شخصيته ولا كرامة شعوب المغرب العربي الكبير ... وكانت تظن الحكومة الفرنسية بهذه العملية تقضي على الثورة في الجزائر ومنها خابت في تقديرها وتفكيرها، اعتبر الشعب الجزائري هذه الحادثة ما هي الا جزء من حوادث الثورة الكثيرة، فزادته تماسكا وثباتا وعزيمة وصلابة، فقام في الحال قادة آخرون مقام الزعماء الأولين كانوا أشد مراسا وقوة فواصلوا الحروب.

ولما سمع الرؤساء والجماهير التي كانت تنتظر في وصول الزعماء الى مكان الاجتماع بهذا الحادث المفجع، ثارت ثائرة شعوب هذه الاقطار وهاجت لهذه الاهانة والاحتقار، وعرفت المكيدة من أين جاءت، جاءت من الجالية الفرنسية التي لا زالت تقطن في هذه الأقطار، هي التي كانت سببا في هذا الحادث المؤلم.

أما الذين ضبطوا أعصابهم من هذه الشعوب فاكتفوا بالاحتجاجات المصارخة على هذه الأعمال التي هي منافية للأخلاق والمروءة وللقوانين الدولية، وإهانة لصاحب الجلالة محمد الخامس لأن الزعماء الجزائريين كانوا في ضيافته.

أما الشعب المغربي فلم يستطيع أن يضبط أعصابه، فصب جام غضبه على الجالية الفرنسية التي كانت تسكن في المغرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015