ولهذا يجب أن لا نجعل المقياس في الشدة واللين هو ما تمليه علينا أهواؤنا وأذواقنا، بل يجب أن نجعل المقياس هدي النبي صلي الله عليه وسلم وهدي أصحابه، والنبي صلي الله عليه وسلم رسم لنا هذا بقوله وبفعله وبحاله صلي الله عليه وسلم رسمه لنا رسمًا بيّنًا، فإذا دار الأمر بين أن أشدّد أو أيسّر، بمعنى أنني كنت في موقف حرج لا أدري الفائدة في الشدة أم الفائدة في التيسير والتسهيل، فأيهما أسلك؟ أسلك طريق التيسير؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «إن الدين يسر» ، ولما بعث معاذًا وأبا موسى الأشعري إلى اليمن قال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا» ، ولما مرّ يهودي بالنبي صلي الله عليه وسلم فقال السّام عليك يا محمد - يريد الموت عليك؛ لأن السام بمعنى الموت - وكان عند النبي صلي الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقالت: (عليك السّام واللعنة) فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الله رفيق يحب الرفق، وإن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف» ، فإذا أخذنا بهذا الحديث في الجملة الأخيرة منه: (إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف) عرفنا أنه إذا دار الأمر بين أن أستعمل الشدة، أو أستعمل