حَدِيثٍ يُحَقَّقُ فِيهِ شَرْطُ النَّسْخِ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَنَفَرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَقَالُوا: كَمَا خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يَنْسَخُ الْمُتَوَاتِرَ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي اللَّوَازِمِ وَالتَّوَابِعِ، كَذَلِكَ السُّنَّةُ لَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ، لِتَبَايُنِهِمَا فِي الْحَقَائِقِ وَاللَّوَاحِقِ، وَرُوِّينَا مَعْنَى ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
أَخْبَرَنِي الْأَمِيرُ أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ
طَاهِرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالنَّاسِخُ مِنَ الْقُرْآنِ الْأَمْرُ يُنْزِلُهُ اللَّهُ بَعْدَ الْأَمْرِ يُخَالِفُهُ، كَمَا حَوَّلَ الْقِبْلَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَكُلُّ مَنْسُوخٍ يَكُونُ حَقًّا مَا لَمْ يُنْسَخْ، فَإِذَا نُسِخَ كَانَ الْحَقُّ فِي نَاسِخِهِ، وَلَا يَنْسَخُ كِتَابَ اللَّهِ إِلَّا كِتَابُهُ، وَهَكَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَنْسَخُهَا إِلَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ - قَالَ: لَا أَجْتَرِئُ أَنْ أَقُولَ فِيهِ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، وَلَا يُنْسَخُ الْقُرْآنُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ، فَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى جَوَازِهِ، وَقَالُوا: النَّاسِخُ فِي الْحَقِيقَةِ - هُوَ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْكُلُّ مِنْ عِنْدِهِ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؟ وَأَيُّ تَأْثِيرٍ لِاعْتِبَارِ التَّجَانُسِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يُحِيلُهُ، وَالسَّمْعَ دَلَّ عَلَى وُقُوعِهِ؟ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ ذَاكِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَارِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ، حَدَّثَنَا جَبْرُونُ بْنُ وَاقِدٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ