اللَّفْظِ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إِلَى أَنْ يَدُلَّ دَلِيلُ التَّغْيِيرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ قَائِلًا بِالْخَبَرَيْنِ، يُرَجَّحُ قَوْلُهُ عَلَى الْآخَرِ إِذَا كَانَ يُسْقِطُ أَحَدَهُمَا وَيَقُولُ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ فَيَكُونُ أَوْلَى.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ زِيَادَةٌ لَا تَكُونُ فِي الثَّانِي، فَيُرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَنِ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ؛ لِذَلِكَ قُدِّمَ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ عَلَى خَبَرٍ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيعٍ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا احْتِيَاطٌ لِلْفَرْضِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ بِيَقِينٍ، وَلَا يَكُونُ فِي الْآخَرِ ذَلِكَ، فَتَقْدِيمُ مَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ أَوْلَى، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا
الِاحْتِيَاطَ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنَ الْقَهْقَهَةِ وَالرُّعَافِ، وَإِيجَابِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ؟ أَجَابَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَقَالَ: إِنَّا لَمْ نَقُلْ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى تَرْكِهَا أَوْ تَرْكِ بَعْضِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِرَاقِيَّ تَرَكَ إِيجَابَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْوُضُوءِ، وَتَرَكَ الِاحْتِيَاطَ فِي يَسِيرِ الدَّمِ وَالْقَيْءِ، وَإِيجَابَ الْوُضُوءِ مِنَ الْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَإِذَا تَرَكَ الِاحْتِيَاطَ مَنْ قَالَ بِهِ فِي مُقْتَضَاهُ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ، كَذَا مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا يَقُولُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِيمَا يُرَجَّحُ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا نَظِيرٌ مُتَّفَقٌ عَلَى حُكْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْآخَرِ، مِثَالُ: أَنْ يَقْضِيَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ لَهُ نَظِيرًا، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ قُضِيَ بِهِ
عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِي الرَّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا قَالَهُ فِي الْعُشْرِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ يَدُلُّ عَلَى الْحَظْرِ،