حَجَّاجًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، عَنْ حَجَّاجٍ، وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى رِوَايَتِهِ مُنْقَطِعًا، وَقَدْ خَالَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى فِي ذَلِكَ، فَرَوَاهُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَلَيْسَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى مِمَّنْ يُفْرَحُ بِحَدِيثِهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
وَالصَّوَابُ عَنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ إِذَا وَصَلَ الْحَدِيثَ، فَكَيْفَ بِمَا يُرْسِلُهُ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ:
فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ خَاصَّةً، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ، وَقَالُوا: لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ ثَابِتَةٍ وَصَحِيحَةٍ.
وَرُوِّينَا نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَمَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَأَهْلُ مَكَّةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَمِنَ الْكُوفِيِّينَ: الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَمَعَهُمْ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْخُرَاسَانِيِّينَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ فِي خُطْبَتِهِ - زَمَنُ الْفَتْحِ -: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَحَادِيثَ شَوَاهِدَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْأَدِيبُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّفَّارِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ، قَالَ: ... أَتَيْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ سَمِعْنَا أَشْيَاءَ، فَهَلْ عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فِي عِلَاقَةِ سَوْطِي، فَدَعَا الْجَارِيَةَ فَجَاءَتْ بِهَا، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَأَنَا أُحَرِّمُ