يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ، وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٌ مُصِيبٌ لَا يَرَى وُقُوعَ الْخَطَأِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اجْتِهَادِ غَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَرَاهُ فِي اجْتِهَادِهِ؟ فَعَلَى هَذَا
فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْعِيًّا لَمَا كَانَ قَابِلًا لِجَوَازِ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِيهِ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ: إِنَّنِي ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ.
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا، وَأَنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمَا كَانَ قَابِلًا لِلْخَطَأِ وَالْإِصَابَةِ.
وَفِي قَوْلِهِ: " ظَنَنْتُ " دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُطْلَقًا، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: فَإِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ فِيهِ، وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ رَفْعُ الْخَطَأِ عَنْهُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ، وَلِذَلِكَ أَثْبَتْنَاهُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى النَّسْخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْدَلَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا عَلَى الْأَرْبِعَاءِ وَشَيْءٌ مِنَ التِّبْنِ لَا أَدْرِي كَمْ هُوَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْلَمِيُّ الْكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا