مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ. قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظِ، أَخْبَرَكَ أَبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَهَّرِ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَازِنُ، أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْبِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا وَهُوَ يَتَغَذَّى، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ادْنُ الْغَدَاءَ. فَقَالَ: أَوَلَيْسَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: وَتَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ.
قَالُوا: وَلَا يَلْزَمُنَا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرْنَاهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنْ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجٍّ
وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ: هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ صُحْبَةَ مُعَاوِيَةَ مُتَأَخِّرَةٌ؛ لَمْ يُشَاهِدْ مَا كَانَ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ، فَيُحْتَمَلُ تَخْيِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ فِي صَوْمِهِ وَإِفْطَارِهِ، وَإِعْلَامِهِمْ رَفْعَ وَجُوبِهِ؛ كَيْلَا يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى وُجُوبِهِ، إِذْ لَا وَاجِبَ سِوَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ جَمِيعُ مَا قَدْ وَرَدَ فِي الْبَابِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عُقَيْبَ حَدِيثِ عَائِشَةَ: لَا يَحْتَمِلُ قَوْلُ عَائِشَةَ تَرَكَ عَاشُورَاءَ بِمَعْنَى يَصِحُّ إِلَّا تَرْكُ إِيجَابِ صَوْمِهِ، إِذْ عَلِمْنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمَفْرُوضُ صَوْمُهُ، وَأَبَانَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَرَكَ اسْتِحْبَابَ صَوْمِهِ، هُوَ أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ عِنْدَنَا بِهِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَلَى النَّاسِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ.