الْعُطَارِدِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَلَى الصَّوَابِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ عَلَى شَرْطِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، أَخْرَجَاهُ فِي كِتَابَيْهِمَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ.
فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ الْيَوْمَ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ نَفَرٌ وَقَالُوا: فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَقَرَةٌ، وَرَأَوُا الْحُكْمَ الْأَوَّلَ مَنْسُوخًا.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: أَبُو قِلَابَةَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْبَقَرِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بَقَرَتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ.
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ قَوْلَهُمْ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ، إِنَّ ذَلِكَ كَانَ تَخْفِيفًا لِأَهْلِ الْيَمَنِ، ثُمَّ كَانَ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: فِي ثَلَاثِينَ جَذْعٌ أَوْ جَذَعَةٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي خَمْسِينَ مُسِنَّةٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَفَسَّرَ أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ: فِي خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَثُمُنٌ، وَفِي خَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى