لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ مُنْقَطِعٍ عَنْ رَجُلٍ مَرْغُوبِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ فِيهِ: لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى فِي هَذَا الصِّنْفِ - يَعْنِي الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي جَالِسًا - يَغْلَطُ فِيهِ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا يُشَيِّعُونَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّوْا خَلْفَهُ جُلُوسًا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يَعْلَمُ الشَّيْءَ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ عَنْهُ، فَيَقُولُ بِمَا عَلِمَ، ثُمَّ لَا يَكُونُ فِي قَوْلِهِ بِمَا عَلِمَ وَرَوَى حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قَوْلًا أَوْ عَمِلَ عَمَلًا يَنْسَخُ الْعَمَلَ الَّذِي قَالَ بِهِ غَيْرُهُ وَعَمِلَهُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا، وَأَرَادَ أَنَّهُمَا إِنَّمَا فَعَلَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمَا النَّسْخُ، قَالَ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْخَاصَّةِ يُوجَدُ عِنْدَ بَعْضٍ وَيَغْرُبُ عَنْ بَعْضٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.