فأخذه ونزل. فلما صار في الأرض فرط الدراج من كفه وطار. فلما ارتفع انتقل الباز من الأرض أخذه ونزل وقد ثبته. ورأيته وهو في صيد الوحش دفعات، إذا اجتمعت الحلقة واجتمع فيها الوحش شيء رموه، وكان من أيرمى الناس، فكان إذا دنا منه الغزال رماه، فنزاه كأنه قد عثر فيقع ويذبح، وكان أول غزال يضربه في كل صيد أحضره ينفذه لي مع غلام من غلمانه وأنا معه. وشاهدته وقد اجتمعت الحلقة ونحن في أرض نصيبين على الهرماس وقد ضربوا الخيام، فوصل الوحش إلى الخيام، فخرج الغلمان بالعصي والعمد، فضربوا منها شيئاً كثيراً، واجتمعوا في حلقة ذيب فوثب في وسطها على غزال أخذه وبرك عليه فقتل وهو عليه. وشاهدته يوماً ونحن بسنجار وقد جاءه فارس من أصحابه فقالها هنا ضبعة نائمة! فسار ونحن معه إلى واد هناك، والضبعة نائمة على صخرة في سفح الوادي، فترجل أتابك ومشى حتى وقف مقابلها وضربها بنشابة رماها إلى أسفل الوادي، ونزلوا جاءوا بها إلى بين يديه وهي ميتة. ورأيته أيضاً بظاهر سنجار وقد جلوا أرنباً. فأمر فاستدارت الخيل حولها وأمر غلاماً خلفه يحمل الوشق كما يحمل الفهد، فتقدم أرسله على الأرنب فدخلت بين قوائم الخيل وما تمكن منها. وما كنت رأيت الوشق قبل ذلك يصيد. ورأيت الصيد بدمشق أيام شهاب الدين محمود بن تاج الملوك للطير والغزلان وحمر الوحش واليحامير، فرأيته يوماً وقد دخلنا إلى
شعراء بانياس وفي الأرض عشب عظيم، فتصدينا كثير من اليحامير، وضربت الخيام حلقة ونزلنا، فقام من وسط الحلقة يحمور كان نائماً في العشب فأخذ في وسط الخيام. ورأيت ونحن عائدون رجلاً قد رأى سنجاباً في شجرة فأعلم به شهاب الدين فجاء وقف تحته ورماه مرتين او ثلاثاً فما أصابه، فتركه وسار شبه المغتاظ الذي لم يصبه. فرأيت رجلاً من الأتراك جاء رماه فوسط النشابة فيه، فاستخرت يداه وبقي متعلقاً برجليه والنشابة فيه حتى هزوا الشجرة فوقع، ولو كانت تلك النشابة في ابن آدم كان مات لوقته، فسبحان خالق الخلق.
ورأيت الصيد في مصر، كان للحافظ لدين الله عبد المجيد ابي ميمون رحمه الله جوارح كثيرة من البزاة والصقور والشواهين البحرية، فكان لهم زمام يخرج بهم في الجمعة يومين وأكثرهم رجالة على أيديهم الجوارح، فكنت أركب يوم خروجهم إلى الصيد لأتفرج بنظر صيدهم، فمضى الزمام إلى الحافظ وقال لهان الضيف فلاناً يخرج معنا - كأنه يستطلع أمره في ذلك. فقالاخرج معه يتفرج على الجوارح.