ومما يشاكل ذلك ان رجلا أتى يوحنا بن بطلان الطبيب المشهور بالمعرفة والعلم والتقدم بالصنعة الطب وهو دكانه بحلب، فشكى إليه مرضه فرآه قد استحكم به الاستسقاء وكبر بطنه ودقت وتغيرت سحنته. فقال لهيا ولدي ما لي والله فيك حيلة، ولا بقي الطب ينجح فيك فانصرف. ثم بعد مدة اجتاز به وهو في دكانه وقد زال ما به من مرض وضمر جوفه وحسنت حاله، فدعاه ابن بطلان فقالما أنت الذي حضرت عندي من مدة وبك الاستسقاء وقد كبر بطنك ودقت رقبتك وقلت لك مالي فيك حيلة؟ قال بلى قالبماذا داويت حتى زال ما بك؟ قالوالله ما تداويت بشيء، أنا رجل صعلوك ما لي شيء ولا لي من يدور بي سوى والدتي، عجوز ضعيفة كان لها في دنين خل، فكانت كل يوم تطعمني منه بخبز. فقال له بطلانبقي من الخل شيء؟ قال نعم قالامشي معي ارني الدن الذي فيه الخل. فمشى بين يديه إلى البيت أوقفه على دان الخل. فأفزع ابن بطلان ما كان فيه من الخل فوجد في أسفله افعيين قد تهرأتا. فقال لهيا بني ما كان يقدر يداويك بخل فيه افعيان حتى تبرأ إلا الله عز وجل.