الاعتبار (صفحة 183)

متوجهاً إلى المغرب. فأخذت الروم المركب وأسرت فيمن أسر فوقعت في نصيب بعض القوم، فلم أزل أخدمه إلى أن دنت وفاته فأوصى بإطلاقي. فخرجت من بلد الروم فصرت إلى بعض بلاد المغرب فجلست أكتب على دكان خباز، وكان ذلك الخباز يعامل بعض تناة تلك المدينة. فلما كان في رأس الشهر جاء غلام ذلك الثاني إلى الخباز فقالسيدي يدعوك لتحاسبه فاستصحبني معه فمضينا إليه فحاسبه على رقاعه. فلما رأى معرفتي في الحساب وخطي طلبني من الخباز فغير ثيابي وسلم الي جباية ملكه وكانت له نعمة ضخمة، أخلى لي بيتاً في جانب داره. فلما مضت مديدة قال لييا أبا بكر ما رأيك في التزويج؟ قلتيا سيدي أنا لا اطيق نفقة نفسي فكيف اطيق النفقة على زوجة قالأنا أقوم عنك بالمهر والمسكن والكسوة وجميع ما يلزمك. فقلتالأمر لك فقاليا والدي إن هذه الزوجة فيها عيوب شتى - ولم يترك شيئاً من العيب في خلقة من رأسها إلى قدمها إلا ذكره لي وأنا أقولرضيت. وباطني في ذلك كظاهري. فقال ليالزوجة ابنتي. واحضر جماعة وعقد العقد. فلما كان بعد أيام قال لي تهيأ لدخول بيتك، ثم أمر لي بكسوة فاخرة ودخلت إلى دار فيها تجميل والآلات، ثم أجلست في المرتبه وأخرجت العروس تحت النمط فقمت لتلقيها. فلما كشفت النمط رأيت صورة ما رأيت في الدنيا أجمل منها، فهربت من الدار خارجاً، فلقيني الشيخ وسألني عن سبب هروبي..فقلتان الزوجة ما هي التي ذكرت لي فيها من العيوب ما ذكرت. فتبسم وقاليا ولدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015