فقل لمن يتمنى طول مدته ... هذي عواقب طول العمر والمدد
ضعفت القوة ووهنت، وتقضت بلهينة العيش وانتهت، ونكسني التعمير بين الأنام، والى الخمول يؤول تسعر الظلام، حتى أصبحت كما قلت
تناستني الآجال حتى كأنني ... دريئة سفر بالفلاة حسير
ولما تدع مني الثمانون منة ... كأني إذا رمت القيام كسير
أؤدي صلاتي قاعداً وسجودها ... علي إذا رمت السجود عسير
وقد أنذرتني هذه الحال أنني ... دنوت رحلة مني وحان مسير
أعجزني وهن السنين عن خدمة السلاطين، فهجرت مغشى أبوابهم وقطعت اسبابي من اسبابهم واستقلت من خدمتهم ورددت عليهم ما حولوني من نعمهم، لعلمي ان ضعف الهرم لا يقوى على تكاليف الخدم، وان سوق الشيخ الكبير لا ينفق على الأمير. ولزمت داري وجعلت الخمول شعاري ورضيت نفسي بالانفراد في الغربة ومفارقة الأوطان والتربة، إلى ان تسكن نفارتها عن مرارتها وصبرت صبر الأسير على قده، والظمآن ذي الغلة عن ورده. مكاتبة مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، جامع كلام الإيمان قامع عبدة الصلبان، رافع علم العدل والإحسان، محي دولة أمير المؤمنين أبو المظفر يوسف بن أيوب، جمل الله الأسلم والمسلمين بطول بقائه، وأيدهم بماضي سيوفه وأرائه، واضفى عليهم وارف ظله كما أصفى لهم من الأكدار موارد فضله برحمة