الاعتبار (صفحة 152)

لقيه يوماً سبيت رفول! فخرجنا من الغد نسير على النهر فرأينا في جانب الماء سواداً فقلنا لبعض الغلمان اسبح ابصر ما هذا السواد. فمضى إليه فإذا ذلك السواد رفول عليها ثوب أزرق وقد رمت نفسها من على فرس الإفرنجي الذي أخذها فغرقت، وعلق ثوبها في شجرة الصفصاف، فسكنت لوعة أبيها أبي الجيش فكانت الصيحة التي وقعت في الإفرنج وهزيمتهم وهلاكهم من لطف الله عز وجل لا بقوة ولا بعسكر. فتبارك الله القادر على ما يشاء. وقد يكون الترهيب في بعض الأوقات نافع في الحرب. من ذلك ان أتابك وصل الشام وأنا معه في سنة تسع وعشرين وخمس مائة وصار قاصداً دمشق. فلما نزلنا القطيفة قال لي صلاح الدين رحمه اللهاركب وتقدمنا إلى فستقة. أقم على الطريق لا يهرب أحد من العسكر إلى دمشق. فتقدمت ساعة وإذا صلاح الدين قد أتى في قلة من الصحابة. فرأينا بعذراء دخاناً فأرسل خيلاً تبصر ما هو دخان. فإذا هم قوم من عسكر دمشق يحرقون التبن الذي في عذراء فانهزموا، فتتبعهم صلاح الدين ونحن معه لعل في ثلاثين أربعين فارساً فوصلنا القصير وإذا عسكر دمشق جميعه في القصير قاطع الجسر ونحن عند الخان فوقفنا مستترين بالخان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015