إما لأن الظهور التام للشيب يجعل صاحبه مضحكة للناس، أو لأن الظهور يستلزم ظهور ما خفي من مستورات الشفتين (برأسه فبكى)] (?) ذلك الرجل لتذكر الموت أو التأسف على زمان الشباب، فلا تقابل بين ظهور الشيب والبكاء، بل يكاد يكون بينهما تلازم، لكن بين المعنى الحقيقي للضحك والبكاء تقابل، ويمكن أن يراد بضحك المشيب سروره تشبيها للمشيب برجل سار من قوته وغلبته، وبالبكاء الحزن، فحينئذ يكون من أصل الطباق.
(ويسمى الثاني: إيهام التضاد)؛ لأن المعنيين المذكورين الغير المتقابلين قد عبرا بلفظين يوهمان التضاد للتقابل بين معنييهما الحقيقيين أو المجازيين مع الشهرة.
(ودخل فيه) أي: في الطباق بالتفسير الذي سبق، والملحق به (ما يختص باسم المقابلة) وإن جعله السكاكي وغيره قسما برأسه من المحسنات المعنوية؛ حيث ذكروها في مقابلة الطباق.
(وهي أن يؤتى بمعنيين) متوافقين أو أكثر ثم بما يقابل ذلك على الترتيب فيكون داخلا فيه، فإنه يصدق عليه الجمع بين معنيين متقابلين؛ لأن المراد الجمع بين معنيين متقابلين فصاعدا، كما أشرنا إليه، ولما كان يتجه عليه أن جعله داخلا في الطباق، دون مراعاة النظير يحكم؛ لأنه كما يصدق عليه باعتبار جمع المتقابلين تعريف التضاد يصدق عليه، باعتبار جمع المتوافقين تعريف مراعاة النظير دفعه بقوله:
(والمراد بالتوافق خلاف التقابل) (?) لا التناسب، فإنها غير مشروطة بذلك بشواهد الأمثلة، وهذا وإن يرجح الحكم بدخولها بالطباق، لكن لا ينفي كون بعض أفرادها من مراعاة النظير؛ لأنه كما لم يشترط فيه التناسب، لم يشترط عدمه، وقد توجه كلام القوم بأن الطباق: الجمع بين الضدين بلا فصل، بخلاف المقابلة فإنه يشترط فيها الفصل بين المتقابلين بغيرهما.