ولو لم يكن تعريف النعت على ما ينبغي وما يتعلق بتعريفاتهم له من النقض والإبرام، مما يعده عقلاء الأنام، من فضول الكلام؛ لذكرت ما يتعجب عنه أولوا الأحلام.
(والأول من الحقيقي نحو: ما زيد إلا كاتب، إذا أريد أنه لا يتصف بغيرها) أي: بغير الكاتب وتأنيث الضمير؛ لأنها صفة واكتفى عن تعريفه بالتمثيل إشارة إلى وضوحه بخلاف غير الحقيقي، وقيد مثال هذا القسم دون قسيمه لمعرفة القيد في مثال قسيمه بالمقايسة (وهو لا يكاد يوجد) مبالغة في نفي وجوده، والمراد إما نفي وجوده في نفس الأمر حتى يكون نفيا لصدق هذا القصر، فلا ينافي تقسيم الحقيقي إليه؛ لأنه يكفي للتقسيم وجود الكاذب منه على أنه لا كلام في وجود إلا دعائي منه، وإما نفي لوجوده في ما بين التراكيب وحينئذ معنى قوله (لتعذر الإحاطة) لظهور تعذر الإحاطة (بصفات الشيء) (?) ظهورا لا يخفى على أحد، فلا يأتي بهذا القصر عاقل لعدم إمكان الغلط فيه ولا التغليط، وحينئذ التعويل في التقسيم على ما يقصد به المبالغة، ووجه تعذر الإحاطة الكثيرة، وخفاء الكثير بحيث لا يعلمها إلا العليم الخبير.
(والثاني: كثير، نحو: ما في الدار إلا زيد) (?) مرادا به الدار المخصوصة، وهاهنا إشكال قوي وإن لم يسمعه من قوى، وهو أنه يمكن قصر حقيقي في كل قصر إضافي، فينبغي أن يوجد قصر الموصوف على الصفة بهذا الاعتبار كثيرا فتقول في: ما زيد إلا قائم: ما زيد شيئا مما تعتقده إلا قائم.
(وقد يقصد به) (?) المتبادر عوده إلى الثاني؛ لكونه أقرب، ولأن التعليل