سبيل الإخبار ببناء البيت الأرفع ليس مزية رفعة، تكون معتادة فيما بين البيوت، بل تفاوت يكون بين السماء وسائر الأبنية الرفيعة، ثم إن ذلك الإيماء ربما يقصد به تعظيم الخبر، كما في هذا البيت، وقوله: إن كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (?) فإنه يدل على أن سبيل الإخبار بخسرانهم ليس الخسران المتعلق بالدار الفانية التي ربما يجبر بالسعي في مقدمات الريح، بل الخسران الأخروي الذي لا تدارك له، وفيه تعظيم شأن شعيب- عليه السّلام- وقوله:
إن التي ضربت بيتا مهاجرة بكوفة ... الجند غالت ودها غول (?)
يومئ إلى أن سبيل الإخبار بهلاك ودها أنها استأصلت ولم يبق منها شيء حتى اختارت المهاجرة إلى بلدة بعيدة، يبعد طريق الوصول إليها، وملاقاتها فلو كان بقي من ودها أثر لما اختارت ذلك.
ثم إنه يجعل ذلك الإيماء وسيلة إلى تحقيق الخبر، وبيان أنه لا محالة واقع، ومن هذا تبين الفرق بين الإيماء إلى وجه بناء الخبر وتحقيقه، واندفع تزييف المصنف جعل الإيماء ذريعة إلى تحقيق الخبر بعدم الفرق بينهما، ولذا تركه، وقال الشارح المحقق: الإيماء إلى وجه بناء الخبر هو الإيماء إلى طرزه وطريقه، وإلى أنه من أي جنس، أمن جنس الثواب أو العقاب؟ وحاصله أن يأتي بالفاتحة على وجه ينبه على الخاتمة، كالإرصاد في علم البديع، ويرد عليه أنه لا بد من فارق بينه وبين الإرصاد حتى لا يكون جعله من البلاغة، وجعل الإرصاد من توابعها تحكما، ورده السيد السند بأن المتبوع هو الخبر لا بناؤه، فلفظ البناء مستدرك