قُلْ للقَوَافِلِ والغُزَاةِ إِذا غَزَوْا ... والبَاكِرِينَ والمُجِدِّ الرَّائِحِ
إِنَّ السَّماحَةَ والشَّجاعَةَ ضُمِّنَا ... قَبْراً بمرْوَ على الطَّريقِ الواضِحِ
فإِذا مَرَرْتَ بقَبْرِهِ فاعْقِرْ بهِ ... كُومَ الجِلادِ وكُلَّ طِرْفٍ سابِحِ
وانْضَحْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بِدِمائِها ... فَلَقَدْ يكونُ أَخَا دَمٍ وذَبَائِحِ
أَرادَ: فلقد كان.
قال أَبو بَكْر: والَّذي نَذْهب إِلَيْه أَنَّ كان ويكون لا يجوز أَن يكونا على خلاف ظاهرهما، إِلاَّ إِذا وَضَح المعنى، فلا يجوز لقائل أَنْ يقول: كان عبد الله قائماً، بمَعْنَى يكون عبد الله، وكذلك محال أَنْ يقول: يكون عبد الله قائماً؛ بمَعْنَى كان عبد الله، لأنَّ هذا ما لا يُفهم ولا يقوم عليه دليل؛ فإِذا انكشف المعنى حُمِلَ أَحدُ الفعْليْن على الآخر، كقوله جلَّ اسمه: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ في المَهْدِ صَبِيَّا، معناه مَنْ يكون في المهد فكيف نكلِّمه! فصلَح الماضي في موضع المستقبل لبيان معناه. وأَنشد الفَرَّاءُ:
فَمَنْ كانَ لا يأْتيكَ إِلاَّ لحَاجَةٍ ... يَرُوحُ لهَا حتَّى تَقَضَّى ويَغْتَدِي
فإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُرَ ما مَضَى ... من الأَمْرِ واسْتِيجابَ ما كانَ في غَدِ
أَرادَ: ما يكون في غد. وقالَ الله عزَّ ذكره: وَنَادَى