عاصم وعمرو بن الأَهتم والزِّبْرقان بن بدر أَنَّهم قدموا النَّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم، فسأَل النَّبيّ عمراً عن الزِّبْرقان فأَثنى عليه خيراً فلم يرضَ
بذلك، وقالَ: والله يا رسول الله، إِنَّه لَيَعْلَمُ أَنِّي أَفضلُ ممَّا وصَف؛ ولكنَّه حَسَدني على موضعي منك. فأَثنى عليه عمرو شَرًّا، وقالَ: والله يا رسول الله ما كذبتُ عليه في الأُولى ولا الآخرة؛ ولكنَّه أَرضاني فقلت بالرضا، وأَسخطني فقلت بالسّخط، فقال النَّبيّ عليه السَّلام: إِنَّ من البيان سحراً. وقالَ مالك بن دينار: ما رأَيتُ أَحداً أَبْيَنَ من الحجَّاج بن يوسف، إِنْ مكان لَيَرْقَى في المنبر فيذكر إِحسانه إِلى أَهل العراق وصَفْحه عنهم وإِساءَتهم إليه؛ حتَّى أَقولَ في نفسي: إِنِّي لأَحسِبُه صادقاً، وإِنِّي لأَظنّهم ظالمين له. وسمع مسلمة بن عبد الملك رجلاً يتكلَّم فيُحسن ويبيّن معانيَه الَّتي يقصد لها تبيِيناً شافياً، فقال مسلمة: هذا والله السِّحْر الحلال.
والتأْويل الآخر في الحديث: وإِنَّ من البيان ما يُكْسِب من المأْثم مثل ما يُكْسِب السحرُ صاحبَه؛ يذلُّ على هذا حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم: إِنَّما أَنا بشرٌ وإِنَّكم تختصمون إِليَّ، ولعلَّ بعضَكم أَنْ يكون أَلْحَن بحجَّته، فمن قضيت له