وردَّ ابن قتيبة على أَبي عُبيد ما حكاه عن الأَصْمَعِيّ في البَعْل من قوله: البَعْلُ ما شَرِب بعروقه، ولم يُسَمِّ الأَصْمَعِيّ.
وقالَ أَبو عُبيد: البَعْل ما شرب بعروقه من غير سَقْي سماء ولا غيرها. قال: فهذا نَقضٌ للذي في الحديث، إذْ كان في الحديث ما سُقِيَ منه بَعْلاً، قال: فالبَعْل وغير البَعْل وسائر الشجر يشرب الماءَ بعروقه. والعِذْي والمَسْقِيّ يشرب الماء بأَعاليه، فأَين هذا الَّذي لا تسقيه سماء ولا غيرها! أَفي أَرض لم تمطر قطّ، أَم في كِنّ! هذا ما لا يُعرف. قال: والَّذي رأَيت عليه أَهلَ اللُّغة، وناظرت عليه الحجازيين أَنَّ البَعْل هو العِذْي وما سقته السَّماء، الدليل على هذا قول عبد الله بن رَواحة حين خرج غازياً إِلى الشَّام:
إِذا بَلَّغتِني وحَمَلْتِ رَحْلي ... مَسِيرَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ الحِسَاءِ
فزادُكِ أَنْعُمٌ وخَلاَك ذَمٌّ ... ولا أَرجِعْ إِلى أَهْلي وَرَائي
وعادَ المسلمون وَغادَرُونِي ... بأَرضِ الشَّام منقطِعَ الثَّواءِ
هُنالِكَ لا أُبالي نَخْلَ سَقْيٍ ... ولا بَعْلٍ وإِنْ عَظُمَ الأَتاءِ
يقول: إِذا اسْتُشْهِدْت لا أُبالي ولا أُفكِّر في بَعْل النخل ولا سَقْيِه، والأَتاءُ: النّماءُ وكثرة الرَّيْع؛ يقال: طعامٌ ذو أَتاء، إِذا كان كثير النَّزَلِ والرَّيْع.