بعضُ البصريّين، فقال: محال أَن يكونَ المسلمون رَأَوا المشركين يوم بدر على كمال عَددهم تسعمائة وخمسين، لأَنَّه لو كان الأَمر كذا بطلت الآيةُ؛ ولم يكن في هذا أُعجوبة ينبِّه الله عليها خَلْقه، وإنّما معنى الآية: يرى المسلمون المشركين مِثْلَيْهم ستمائة ونيّفا وعشرين، لتصحّ الأُعجوبة، بأَن يروْهم أَقلَّ من عددهم.

قال أَبو بكر: لا حجّة على الفَرَّاءُ في هذا؛ لأَنَّ الأُعجوبةَ لم تكن في العدد، وإنما كانت في الجَزَع الَّذي أَوقعه الله جلّ وعزّ في قلوب المشركين، على كثرة عددهم، وقلة عدد المسلمين، وللشجاعة الَّتي أَوقعها الله في قلوب المسلمين، فهانَ المشركون عليهم وهم يتبيَّنون كثرةَ عددهم، وصار احتقارُ المسلمين إياهم على كمال العدد أَعجبَ من احتقارهم إياهم على نُقصان العدد. وقد أَجاز الفَرَّاءُ القول الآخر، واختار الأَوّل، وقالَ: الدليل على أنَّ المِثْل يقع على المثليْن، أن الرَّجُل يقول وعنده عبد: أَحتاج إِلى مثلَيْ عبدي، فمعناه أَحتاج إِلى ثلاثة؛ لأَنَّه غير مستغن عن عبده، ويَقُولُ: أَحتاج إِلى مثل هذا الأَلف، يريد: أَحتاج إِلى أَلفين. ومن قرأَ: تَرَوْنَهُمْ مثْلَيْهمْ جعل الفعل لليهود، أَي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015