ترى كثرة ما يعمل في الاسم وقلة ما يعملُ في الفعلِ، وحروف الجزاء يقبحُ1 أن يقدم2 الاسمُ معها على3 الأفعال, شبهوها بالجوازم التي لا تخلو من الجزم إلا أنَّ حروف الجزاءِ "فقط"4 جاز ذلك فيها في الشعر؛ لأن حروف الجزاء يدخلها "فَعَلَ ويفعلُ" ويكون فيها الاستفهام، ويجوز في الكلام أن يلي "إن" الاسم إذا لم تجزم نحو قوله:
عَاودْ هراةَ وإنْ معمورُها خرِبا5
وإن جزمت فلا يجوز إلا في الشعر؛ لأنها تشبهُ "بلَم"، وإنما جازَ هذا في "إنْ" لأنها أم الجزاء لا تفارقه كما جاز إضمار الفعل فيها حين قالوا: "إنْ خيرًا فخيرٌ وإنْ شرًّا فشرٌّ" وهي على كل حالٍ إنْ لَم يلها فِعلٌ في اللفظ فهو مقدر في الضمير. وأما سائر حروف الجزاء فهذا فيها ضعيفٌ, ومما جاء في الشعر مجزومًا في غير "إنْ" قول عَدي بن زيدٍ6:
فَمَتَى وَاغِلٌ يَنُبْهُم يُحيُّو ... هُ وتُعْطَفْ عليهِ كَأْسُ السَّاقي7