قلتَ: أقسم لتفعلنَّ واستحلفتهُ لتفعلنَّ. وزعم1: أنَّ النونَ أُلحقت "في لتفعلنَّ" لئلا يشبه أنه ليفعل, فإذا أقسمتَ على ماضٍ دخلت اللامُ وحدها بغير نون نحو قولكَ: والله لقد قامَ ولقامَ, وحكى سيبويه: والله أنْ لو فعلتَ لفعلت2 وتقول: والله لا فعلتَ ذاكَ أبدًا، تريد: لا أَفعلُ, وقال الله عز وجل: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا} على معنى: "ليظلّن"3, وتقول: لئن فعلت ما فَعلَ, تريد: ما هو فاعلٌ وتقول: والله أفعلُ, تريد: لا أفعلُ وإن شئت أظهرت "لا" وإنما جاز حذف "لا" لأنهُ موضع لا يلبس, ألا ترى أنك لو أردت الإِيجاب ولم ترد النفي قلت: لأفعلن, فلما لم تأت باللام والنون علم أنك تريد النفي، وأما الموضع الذي تقع فيه النون وتخلو منه, فالأمر والنهي وما جرى مجراهما من الأفعال غير الواجبة وذلك قولك: أفعلنَّ ذاكَ ولا تفعلنَّ وهَل تقولنَّ وأتقولنَّ؛ لأن معنى الاستفهام معنى أخبرني, وكذلك جميع حروف الاستفهام. وزعم يونس أنك تقول: هلا تفعلنَّ وألا تقولَنّ؛ لأنك تعرض ومعناه أفعلُ4، ومثل ذلك: لولا تقولنَّ لأنه عَرض. ومن مواضعها حروف الجزاء إذا أوقعت بينها وبين الفعل "مَا" للتوكيد تقول: إمّا تأتني آتكَ وأيُّهم ما يقولنَّ ذاكَ نجزهِ, وقد تدخل بغير "ما" في الجزاء في الشعر. وقد أدخلت في المجزوم تشبيهًا به للجزم, ولا يجوز إلا في ضرورة, قال الشاعر:
يَحْسَبُهُ الجَاهِلُ مَا لَمْ يَعْلَما ... شَيْخًا على كُرْسِيِّه مُعمَّمَا5
والخفيفة والثقيلة سواء، ويقولون: أَقسمتُ لمَّا لم تفعلن؛ لأن ذا طلبٌ،