ففعلهُ مبني غير مجزومٍ، وقد بينا هذا فيما تقدم, وقوم من النحويين1 يزعمون أنَّ هذا مجزومٌ، وأن أصل الأمرِ أن يكونَ باللامِ في المخاطب، إلا أنه كثر فأسقطوا التاءَ واللامَ, يعنونَ أن أصلَ اضربْ لتضربْ, فأسقطوا اللامَ والتاء، قال محمد بن يزيد: وهذا خطأٌ فاحش2؛ وذلك لأن الإِعراب لا يدخل من الأفعال إلا فيما كان مضارعًا للأسماء وقولُكَ: اضربْ وقم ليسَ [فيه شيءٌ] 3 من حروف المضارعة، ولو كانت فيه لم يكن جزمهُ إلا بحرفٍ يدخل عليه.

ويروى عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} 4 فإذا لم يكن الأمرُ للحاضرِ فلا بد من إدخال اللامِ، تقول: ليقمْ زيدٌ, وتقول: زرْ زيدًا وليزرْكَ إذا كان الأمرُ لهما جميعًا؛ لأن زيدًا غائبٌ فلا يكون الأمر له إلا بإدخال اللام, وكذلكَ إذا قلتَ: ضُرِبَ زيدٌ فأردتَ الأمرَ من هذا قلتَ: ليُضرَبْ زيدًا؛ لأنَّ المأمور ليس بمواجه، والنحويون يجيزونَ إضمارَ هذه اللام للشاعر إذا اضطر، وينشدون لمتمم بن نويرة:

على مِثْلِ أصْحَابِ البَعُوضَةِ فاخْمِشِي ... لكِ الوَيْل حُرّ الوَجْهِ أو يَبْكِ مَنْ بَكَى5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015