أي: لا يجتمع أن تنهى وتأتي, ولو جزم كان المعنى فاسدًا. ولو قلت بالفاء: لا يسعني شيءٌ فيعجزَ عنكَ كان جيدًا؛ لأن معناه: لا يسعني شيءٌ إلا لم يعجزْ عنكَ ولا يسعني شيءٌ عاجزًا عنكَ. فهذا تمثيلٌ كما تمثلُ: ما تأتيني فتحدثني إذا نصبت بما تأتيني إلاّ لم تحدثني, وبما تأتيني محدثًا, وتنصب مع الواو في كل موضع تنصب فيه مع الفاء، وكذلك إذا قلت: زرني فأزوركَ, تريدُ ليجتمعَ هذان، قال الشاعر:

أَلم أَكُ جَارَكُمْ ويَكُونَ بَيْنِي ... وَبَيْنَكُمُ المَوَدَّةُ والإِخَاءُ1

أراد: ألم يجتمعْ هذانِ, ولو أراد الإِفراد فيهما لم يكن إلا مجزومًا, والآية تقرأ على وجهين: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 2 وإنما وقع النصب في باب الواو والفاء في غير الواجب؛ لأنه لو كان الفعلُ المعطوف عليه واجبًا لم يبنِ الخلاف فيصلحُ إضمارُ "أنْ".

شرح الرابع: وهو "أو":

اعلم: أن الفعل ينتصب بعدها إذا كان المعنى معنى إلا أن تفعلَ، تقول: لألزمنَّكَ أو تعطيني، كأنه قال: ليكوننَّ اللزومُ والعطيةُ, وفي مصحف أُبي: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} 3 على معنى: إلا أن يُسلموا، أو حتى يسلموا، وقال امرؤ القيس:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015