يكون إلا مبدوءًا به, وقد تدخل على المبتدأ حروف ليست من عوامل الأسماء, فلا1 تزيل المبتدأ عن حاله, كلام الابتداء2 وحروف الاستفهام "وأما وما" إذا كانت نافية في لغة بني تميم وأشباه ذلك, فتقول: أعمرو "قائم" ولبكر أخوك, وما زيد قائم, وأما بكر منطلق, فهذه الحروف إنما تدخل على المبتدأ وخبره لمعان فيها, ألا ترى أن قولك: عمرو منطلق, كان خبرًا موجبًا فلما أدخلت عليه "ما" صار نفيًا وإنما3 نفيت "بما" ما أوجبه غيرك حقه أن تأتي بالكلام على لفظه, وكذلك إذا استفهمت إنما تستخبر خبرًا قد قيل, أو ظن كأن قائلًا قال: عمرو قائم4, فأردت أن تحقق ذلك فقلت أعمرو قائم, وقع5 في نفسك أن ذلك يجوز وأن يكون وأن لا يكون فاستخبرت6 مما وقع في نفسك/ 34 بمنزلة ما سمعته أذنك فحينئذ تقول: أعمرو قائم أم لا؟ لأنك لا تستفهم عن شيء إلا وهو يجوز أن يكون7 عندك موجبه أو منفيه واقعًا, ولام الابتداء تدخل لتأكيد الخبر وتحقيقه, فإذا قلت: لعمرو منطلق, أغنت اللام بتأكيدها عن إعادتك الكلام8 فلذلك احتيج إلى جميع حروف المعاني لما في ذلك من الاختصار ألا ترى أن الواو العاطفة في قولك: قام زيد وعمرو لولاها لاحتجت إلى أن تقول: قام زيد, قام عمرو, وكذلك جميع الحروف ويوصل بلام القسم9 فيقال10: والله لزيد خير منك؛ لأنك