الكسرة في الباء؛ لأنه موضع يدخله الجر, ولم يستحسنوا ذلك في لام الفعل لأنه موضع لا يدخله الجر, وقالوا: إنني ولعلني ولكنني؛ لأن هذه حروف مشبهة بالفعل.

قال سيبويه: قلت له, يعني الخليل: ما بال العرب قالت: إني وكأني ولعلي ولكني؟ فزعم: أن هذه الحروف اجتمع فيها أنها كثيرة1 من كلامهم، وأنهم يستثقلون في كلامهم التضعيف, فلما كثر استعمالهم إياها مع تضعيف الحروف, حذفوا النون التي تلي الياء قال: فإن قلت: "لعلي" ليس فيها تضعيف, فإنه زعم: أن اللام قريبة من النون2، يعني في مخرجها من الفم، وقد قال3 الشعراء في الضرورة: ليتي4. وقال: سألته عن قولهم عني وقطني ولدني: ما بالهم جعلوا علامة المجرور ههنا كعلامة المنصوب؟ فقال: إنه ليس من حرف تلحقه ياء الإِضافة إلا كان متحركًا مكسورًا، ولم يريدوا أن يحركوا الطاء التي في "قط" ولا النون التي في "من" فجاءوا بالنون ليسلم السكون, وقدني بهذه المنزلة5 وهذه النون لا ينبغي أن نذكرها في غير ما سمع من العرب, لا يجوز أن تقول: قدي كما قلت مني, وقد جاء في الشعر "قدي" قال الشاعر:

قدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبيْبَيْن قَدِي6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015