في "أبيهِ" نصيبٌ وقد تخفضُ العرب هذا الكلام فتقول: ما رأيتُ رجلًا أحسن في عينه الكحل من زيدٍ، وما رأيت أبغضَ إليه الشرُّ منهُ فإذا فعلوا هذا جعلوا الهاء التي كانت في "منهُ" للمذكرِ المضمرِ وكانت للكحلِ والشرِّ وما أشبههما, قال الشاعر:
مَرَرْتُ عَلَى وادي السِّبَاعِ ولا أَرَى ... كَوَادي السِّبَاعِ حِينَ يُظْلمُ وَادِيا
أقلَّ بهِ رَكْبٌ أَتَوْهُ تئيةً ... وأخوْفَ إلاّ ما وقى الله ساريا1
قال سيبويه: إنما أراد: أقلَّ به الركب تئيةً منهم ولكنه حذف ذلك استخافًا كما تقول: أنت أفضلُ، ولا تقولُ من أحدٍ، وتقول: الله أكبرُ، ومعناه: أكبر من كلِّ كبير وكلِّ شيءٍ. وكما تقول: لا مالَ ولا تقول لك2.
واعلم: أن ما جرى نعتًا على النكرة فإنه منصوبٌ في المعرفة على الحال وذلك قولك: مررتُ بزيدٍ حسنًا أبوهُ ومررتُ بعبد الله ملازمكَ وما كان في النكرة رفعًا غير صفةٍ فهو في المعرفة رفعٌ فمن ذلك قولهُ عز وجل: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} 3 لأنك تقول: مررت برجلٍ سواءٌ محياهُ ومماتهُ وتقول: مررت بعبد الله خير منهُ أبوهُ، ومن أجرى هذا على الأول في