وقال الخليل: إن النون إنما ذهبت للإِضافة, ولذلك لحقت الألف الأب التي لا تكون إلا في الإِضافة, وإنما كان ذلك من قبل أن العرب قد تقول: لا أباك, في1 / 454 موضع: لا أبالك, ولو أردت الإِفراد: لا أبَ لزيد, فاللام مقحمة ليؤكد بها الإِضافة كما وقع في النداء: يا بؤس للحرب2 هذا مقدار ما ذكره أصحابنا3.
ولقائل أن يقول: إذا قلت: أنّ قولهم: لا أبالك تريد به: لا أباك, فمن أين جاز هذا التقدير والمضاف إلى كاف المخاطب معرفة والمعارف لا تعمل فيها لا؟ قيل له: إن المعنى إذا قلت: لا أبالك الانفصال كأنك قلت: لا أبًا لك فتنون لطول الاسم وجعلت "لك" من تمامه وأضمرت الخبر ثم حذفت التنوين استخفافًا وأضافوا وألزموا اللام لتدل على هذا المعنى فهو منفصل بدخول اللام وهو متصل بالإِضافة. وإنما فعل في هذا الباب وخصوه كما خصوا النداء بأشياء ليست في غيره. وإنما يجوز في اللام وحدها أن تقحم بين المضاف والمضاف إليه/ 455 لأن معنى الإِضافة معنى اللام, ألا ترى أنك إذا قلت: غلام زيد فمعناه: غلام لزيد, فدخول اللام في هذا يشبه قولهم: يا تيمَ تيمَ عَدي4 أكد هذه الإِضافة بإعادة الاسم, كما أكد ذلك بحرف الإِضافة, فكأنه قد أضافه مرتين.