{مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ} 1 فَقَدْ احتملَهُ قومٌ علَى مثلِ هَذا وقالوا: إنَّما العصبةُ تنوءُ بالمفاتيحِ وتحملُها في ثِقْلٍ. قالَ أبو العباس: وليسَ هكذا التقديرُ إنَّما التقديرُ: لتنوء بالعصبةِ: أَي: تجعلُ العصبةَ مثقلةَ كقولِكَ: انْزلْ بِنَا أَي: اجعلنَا ننزل معكَ [وكقولِكَ: ارْحَلْ بِنَا يا فلانُ أَي: اجعلْنَا نرحلُ مَعك] 2 ومثلهُ قولُ ابن الخطيمِ:
دِيارُ التي كَادتْ ونَحنُ علَى مِنَىً ... تَحلُّ بِنَا لَوْلاَ نَجَاءُ الرَّكَائِبِ3
أي: تجعلنا نحلُّ لا أَنَّها هيَ تنتقل إلينا ومِنْ هَذا البابِ قَولُ الشَاعرِ:
صَدَدْتِ فأطْوَلْتِ الصُّدودَ وقَلّما ... وصالٌ علَى طُولٍ الصُّدودِ يَدُومُ4
والكلامُ: قَلَّ ما يدومُ وِصالٌ ولَيْسَ يجوزُ أَن يرفع "وصالٌ" بيدومُ وقَد أَخَّرهُ ولكنْ يجوزُ هَذا عندي على إضمارِ "يكونُ" كأنهُ قالَ: قُلَّ ما يكونُ وصالٌ يدومُ على طولِ الصدودِ وحَقّ "مَا" إذا دخلتْ كافةً في مثلِ هذا الموضعِ فإنَّما تدخلُ ليقعَ الفعلُ بعدَها وكذلكَ يكونُ معَ الحرفِ نحو: {رُبَّمَا يَوَدُّ الذِينَ كَفَرُوا} وإنّما يقومُ زيدٌ وما أَشبهَ ذلكَ مِما لا