ينصب ما تباعد منه, والجار ليس كذلك, وتقول: هذا ضاربك وزيدًا غدًا, لما لم يجز أن تعطف الظاهر على المضمر1 المجرور حملته على الفعل, كقوله تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} كأنه قال: منجون أهلك, ولم تعطف على الكاف المجرورة.

واعلم: أن اسم الفاعل إذا كان لما مضى, فقلت: هذا ضاربُ زيدٍ وعمروٍ, ومعطي زيدٍ الدراهمَ أمسِ وعمروٍ. جاز لك أن/ 120 تنصب "عمرًا" على المعنى لبعده من الجار, فكأنك قلت: وأعطى عمرًا3, فمن ذلك قوله سبحانه: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} 4, وتقول: مررت برجل قائم أبوه, فترفع الأب5 وتجري "قائمًا" على رجل؛ لأنه نكرة وصفته بنكرة فصار كقولك: مررت برجل يقوم أبوه. فإذا كانت الصفة لشيء من سببه فهي بمزلتها إذا خلصتْ لرجل. وتقول: زيدًا عمروٌ ضاربٌ, كما تقول: زيدًا عمرو يضرب6. فإذا قلت: عبد الله جاريتك أبوها ضارب, فبين النحويين فيه خلاف, فبعض يكره النصب لتباعد ما بين الكلام, وبعض يجيزه. وأبو العباس يجيز ذلك ويقول: إنَّ "ضاربًا" يجري مجرى الفعل في جميعِ أحواله في العمل في التقديم والتأخير. وإنما يكره الفصل بين العامل والمعمول فيه بما ليس منه, نحو قولك: كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015