وقال غيره: تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها، وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام. وسُميت بذلك أخذًا من قوله: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} .
ومن المعلوم أن اللفظ في القرآن يتبع المعنى، وكلام البشر تتبع المعنى فيه الألفاظ. فكلامهم لا يخرج عن التكلف.
ومن الأحكام التى استنبطت من تتبع رءوس الآي اتضح أنها:
1- تقديم المعمول على عامله ليختم بالعامل؛ نحو: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينَ} . وتقديم المفعول ليختم بالفاعل؛ نحو: {جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} .
وقد يختم بتأخير الصفة ويقدم عليها ما يمكن أن تكون صفة له؛ نحو: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} ، فيمكن أن تكون "الكبرى" صفة للآيات، وأن تكون "من" بيانية و"الكبرى" مفعول ثانٍ.
والتقدير: لنريك الكبرى من آياتنا.
2- تقديم ما هو متأخر في الزمان: {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} .. مراعاة للفواصل.
3- تقديم الفاضل على الأفضل مراعاة أيضًا للفاصلة: {بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} .
4- تقديم الضمير على ما يفسره؛ نحو: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} .
5- تقديم الصفة المكونة من جملة فعلية على الصفة المفردة؛ نحو: {كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} فجملة يلقاه صفة، وهي جملة فعلية قدمت على الصفة المفردة ليختم بالمفردة "منشورًا".