فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة وهو الذي وليها؟
قيل له: لأنها تمت في حال رقه بإذن المولى له فى ذلك. ألا ترى لو أن أمة زوجت نفسها بإذن مولاها ثم أعتقت كان لها الخيار، إن شاءت أقامت مع زوجها، وإن شاءت فارقته وهي التي وليت النكاح. وكذلك العبد إذا ولي الإجارة.
فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة في وجه من هذه الوجوه وقد كانت جائزة؟
قيل له: لأن الإجارة تفسخ بعذر، فالعتق من أفضل العذر؛ لأن الأمر رجع إلى العبد وصار أحق بنفسه من المولى. ألا ترى أن رجلاً لو توفي فأوصى إلى رجل وترك ابناَ صغيرًا فآجره الوصي في عمل من الأعمال فلم يتم العمل حتى بلغ الغلام مبلغ الرجال (?) فهو بالخيار، إن شاء مضى على العمل حتى يتمه وأخذ الأجر كله، وإن شاء فسخ الإجارة فيما بقي وكان له أجر ما مضى. وهذا (?) قول أبي حنيفة. فإذا كان للغلام أن ينقض الإجارة والأجر له فالعبد أحرى أن ينقض الإجارة إذا أعتق. والأجر يكون لمولاه إن كان قد قبضه في حال الرق (?).
وكذلك لو أن الأب (?) آجر ابنه وهو صغير (?) في عمل من الأعمال سنين معلومة بأجر معلوم فبلغ الغلام قبل أن تتم (?) السنون فهو بالخيار، إن شاء فسخ الإجارة، وإن شاء مضى عليها، وكانت حاله كحال الذي آجره الوصي.
ولو كان الوصي أو الوالد (?) آجر داراً للصغير سنين معلومة، فبلغ الغلام فأراد أن يبطل الإجارة لم يكن له ذلك. ولا يشبه (?) هذا في هذا