يدر صاحب الغنم أيتهن هي، فإنه لا ينبغي له أن يأكل منه شيئاً حتى يتحرى، فيُلقِي من ذلك الذي يظن أنه ميتة، ويأكل البقية. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان الذكي شاتين والميتة واحدة. فأما إذا كانت الميتة اثنتين والذكية واحدة فلا تجزي (?) هاهنا؛ لأن الغالب هو الحرام، ولا ينبغي أن ينتفع بشيء من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كانت واحدة ميتة وواحدة ذكية لم يأكل من ذلك شيئاً بتحرِّ ولا غيره إلا في خصلة واحدة: إن كان له في الذكي عَلَم ودلالة تدل عليه حتى يعرف بذلك من الميتة فلا بأس بأكل ذلك بالدلالة والعَلَم الذي يعلم به.
وإنما افترق الغالب من ذلك وغيره؛ لأن الغالب يقع عليه التحري إذا كان غالباً، وهو حلال، وفي ذلك وجوه كثيرة من الفقه.
مِنها أن رجلاً لو كان له زيت فاختلط به بعض وَدَك (?) ميتة (?) أو شحم خنزير إلا أن الزيت هو الغالب على ذلك لم نر (?) بأساً (?) بأن يستصبح به، وأن يدبغ (?) به الجلود ثم يغسله، وأن يبيعه ويبين عيبه. ولو كان وَدَك الميتة أو شحم الخنزير هو الغالب على الزيت أو كانا سواء لا يغلب واحد منهما على صاحبه لم ينبغ أن يُنتفَع بشيء منه، ولا يباع ولا يُستصبَح به ولا يُدهَن به جلد ولا غير ذلك؛ لأن وَدَك الميتة وشحم الخنزير إذا كانا الغالبين على الزيت فكأنه لا زيت معهما، وكان ذلك كله ميتة وشحم الخنزير، ولا ينبغي الانتفاع بذلك على حال.
أبو سليمان قال: أخبرنا محمد (?) قال: أخبرنا زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: جاء نفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن لنا