عطيته. فأما إذا أعطى رجلاً يرى أنه فقير ولم يسأله ولم يأت مِن أَمْرِه أَمْرٌ يدل على أنه فقير فظن أنه فقير فأعطاه، أو أعطاه على غير ظنٍ حَضَرَه، ثم ظن بعد العطية أنه فقير، ثم علم بعد ذلك أنه غني، لم يجزه ما أعطاه؛ لأنه أعطاه على غير مسألة ولا دلالة.
وإن كان الرجل سأله وأخبره أنه محتاج فأعطاه، ثم علم بعد ذلك أنه غني، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: تجزيه (?) زكاته. وكذلك قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فلا تجزيه (?) إذا علم أنه غني، وقال: هو بمنزلة رجل توضأ بماء غير طاهر ثم صلى وهو لا يعلم، فهو يجزيه ما لم يعلم، فإذا علم أعاد الوضوء وأعاد الصلاة. وقال محمد: لا تشبه (?) الصلاة الصدقة؛ لأن هذا لا تعد صلاته صلاة؛ لأنه صلى على غير وضوء، والمتصدق صدقته جائزة عليه. ألا ترى أنه لو أراد أن يأخذها من الذي أعطاها إياه لم يكن له ذلك في الحكم؛ لأنها صدقة نافذة جائزة لا رجوع (?) فيها. ولو كان له أن يأخذها من المتصدق عليه لأنها ليست بصدقة كان هذا قياس الصلاة بغير وضوء؛ لأن الصلاة بغير وضوء ليست بصلاة، فينبغي أن تكون (?) هذه ليست بصدقة، وينبغي لصاحبها أن يأخذها من المتصدق عليه. فإذا كان لا يقدر على أخذها منه كانت صدقة تامة، فكيف يغرمها صاحبها مرتين. ولم يكن على صاحبها أكثر من الذي صنع. وقد وافقنا أبو يوسف أن الصدقة لا ترد (?) على صاحبها، ولكنها نافذة للمتصدق عليه. ولذلك (?) افترقت الصدقة والصلاة على غير وضوء. إنما مثل الصدقة على الغني إذا تصدق (?) عليه وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك رَجُلٌ صلى وتحرى القبلة أو أخبره (?) مخبر أن القبلة كذا فصلى بقوله أو تحريه (?)،