تقديم

إن الفقه الإسلامي فقه أصيل نشأ على يد الفقهاء المسلمين بعوامل داخلية، في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعيش فيها أعلام الفقه الإسلامي. لا شك أن المنابع الأصلية لهذا الفقه هي الكتاب والسنَّة في الدرجة الأولى، ثم فهم وتطبيق الصحابة والقرون الأولى التي عايشت تلك الأجواء وكانت قريبة العهد بالوحي. وكما هو الحال في تطور جميع العلوم فإن علم الفقه قد تطور ونما تدريجياً، وظهرت له مدارس واتجاهات مختلفة في القرن الثاني الهجري. فكان في الحجاز مدرسة أهل الحديث وعلى رأسها الإمام مالك بن أنس، وكان في العراق مدرسة أهل الرأي وعلى رأسها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وكان هناك أئمة غيرهم يميل بعضهم إلى هذه المدرسة وبعضهم إلى تلك.

لقد كان الفقهاء المسلمون يعيشون في بلاد مختلفة، ويواجهون مجتمعات شتى لها خلفيات تاريخية واقتصادية واجتماعية متنوعة. فكانت اجتهاداتهم تختلف تبعاً للظروف التي يعيشونها مع اعتمادهم على نفس المصادر في الأساس. وبالإضافة إلى ذلك فإن العقل البشري يختلف في تفسير النصوص وتطبيقها حتى داخل المجتمع الواحد تبعاً لاختلاف المناهج وطرق الفهم والاستنباط. وهذا أمر مسلَّم لكل من اشتغل بالفقه والقانون. حتى إنه من الممكن رؤية كثير من القُضاة يختلفون في تفسير نص من نصوص القانون، وهم يعملون في محكمة واحدة وأمام قضية واحدة.

والذي ينتظر من الفقه والقانون في الأساس هو تأمين العدالة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015