يأت فيه أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة فأجزتموه، وعمدتم (?) إلى ما جاءت فيه الآثار فأبطلتموه بحجة احتججتم (?) بها من الملك قد أجزتم مثلها.
فقلنا له أيضاً: إذا جعل الرجل أرضاً له للمسلمين خاناً وبناه لهم ليسكنه مار الطريق أو جعلها مقبرة للمسلمين أو سقاية لهم أو سكنى للحاج والغازين في سبيل الله فكل هذا يتقرب به إلى الله تعالى كما يتقرب بالصدقة. وقياسها كلها واحد. فهذه الأشياء جائزة كلها. فأما أن يقول قائل: أبطل هذه الأشياء كلها وأردها إلى ملك صاحبها، فإن شاء باع وإن شاء وهب وإن مات كانت ميراثاً غير (?) المسجد (?) وحده، فإنه لم يخرج إلى ملك أحد غيره، وهو لا يكون ميراثاً إن مات صاحبه، وليس لصاحبه أن يبيعه ولا يهبه، فهذا لا ينبغي أن يقال. وكيف يتحكمون على النَّاس هذا التحكم؟ وما أخذ النَّاس بقول (?) أبي حنيفة وأصحابه إِلا لتركهم (?) التحكم على النَّاس. فإذا كانوا هم الذين يتحكمون على النَّاس بغير أثر ولا قياس لم يقلدوا [في] هذه الأشياء. ولو أنا قلدنا [في] هذه الأشياء أحداً لكان من مضى قبل أبي حنيفة مثل الحسن البصري دابراهيم النخعي ومن أشبههم أحرى أن يقلد. فليس ينبغي أن يتحكم على النَّاس. إذا كانت الأشياء تجري (?) على مثال واحد قيل فيها قول واحد إِلا أن يأتي أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن أحد من أصحابه، فينقاد لذلك. فأما إذا كان ما يقال في ذلك بالرأي بطل التحكم، فلم يفرق بين مجتمع ولم يجمع بين متفرق.
...