قالا (?): إنما أكراه البدأة وزدنا نحن الرجعة، فلا ضمان عليهما، لأن ركوب الإبل ليس بمال استهلكاه له. وإن جحد المستأجر ذلك وادعى رب الإبل فإني (?) انظر: فإن كان الأجر خمسين درهماً ضمن الشاهدان خمسين درهماً أخرى، لأنهما أتلفاها بشهادتهما، وهي مال. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى على رجل أنه أكراه دابته بدرهم إلى الحيرة وقد ركبها وسلمت وقال الراكب: بل أعرتنيها، أنه لا ضمان عليه، لأن الركوب ليس بمال أتلفه.
وكذلك شهادة الشهود عليه.
وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم وأقام شاهدين بها، ثم أقام المشهود عليه بالألف شاهدين أنه قد أبرأه منها وقد عُدّلوا وشهدوا أنه قد أبرأه من كل قليل أو كثير يدعيه عليه، واجتمعت البينتان جميعاً عند القاضي، فإنه ينبغي أن لا يسمع من الشهود الذين شهدوا على المال، لأن هاهنا من يشهد على البراءة، لأن البراءة مما يشهد شاهدان عليها، فهو أحق أن يؤخذ بشهادتهم. فإن أخذ بشهادة البراءة وقضى بالبراءة ثم إن شهود البراءة رجعوا عن شهادتهم فإن القاضي يكلف المشهود له بالألف البينة ثانية، ولا يلتفت إلى ما مضى. فإذا أعادهم ليشهدوا على الألف فإن الذين شهدوا على البراءة ثم رجعوا هم خصماؤه، وصاروا بمنزلة الذي عليه الألف. فإن شهد الشهود على الألف انها على المدعى عليه في الأصل فإني أقضي بها على شهود البراءة، لانهم أتلفوها حين شهدوا بالبراءة وبقذف شهادتهم. ولا يرجعان على الذي شهدا له بالبراءة بشيء، لأنهما أتلفا هذا المال على المشهود عليه. وإنّما يأمر القاضي المدعي للمدَّعى (?) بإعادة الشهود عليه حتى يشهدوا (?) بعد رجوع شاهدي البراءة عن شهادتهما بمحضر منهما، لأن المال إنما وجب عليهما بعد رجوعهما ساعة رجعا،