فأما الكفارة التي تجب عليه من الدماء فإنه لا يعطى من ماله شيء لذلك، ولكنه يؤدي ذلك عن نفسه إذا صلح.
فإن مضى في عمرة وحجة فاسدتين حتى قضاهما بنفقته ثم طلب من العام المقبل أن يمضي في عمرته وحجته لم يمنع من ذلك، وأمر بأن يعتمر ويحج؛ لأن الحج في هذا الوجه فريضة عليه، فلا بد من قضائه وإن كثر هذا منه. ألا ترى أن هذا المحجور عليه لو تزوج في كل يوم امرأة على مقدار مهر مثلها ثم طلقها قبل أن يدخل بها وجب لها نصف المهر في ماله وإن كثر ذلك منه. فهذا لا بد منه وإن كثر. فكذلك حجة الإسلام لا بد من قضائها وإن أفسدها مرة بعد مرة. ألا ترى أن المرأة ليس لها أن تحج إلا بإذن زوجها إلا حجة الإسلام خاصة؛ لأنها لو قدرت على ذلك أحرمت في كل سنة بحجة وفي كل شهر بعمرة فلم يصل زوجها منها إلى ما يريد. فقيل: ليس لها ذلك إلا في حجة الإسلام خاصة. فإنها إذا كان لها ولي لم يمنع مينى الخروج. فلو خرجت في حجة الإسلام ثم إن رجلاً جامعها فأفسد حجها مطاوعة أو مستكرهة مضت في حج فاسد حتى تقضيه. فإن أرادت (?) من قابل أن تقضي حجة الإسلام ومعها ولي لم تمنع من ذلك وإن كثر ذلك منها من فساد الحج حجة بعد حجة. فكذلك الذي وصفت لك من أمر المحجور عليه.
ولو أن هذا المحجور عليه قضى حجه كله إلا طواف الزيارة ثم ترك الطواف ورجع إلى أهله ولم يطف طواف الصَّدَر (?) فهو محرم من النساء أبداً حتى يطوف بالبيت. فإن طلب نفقة ليرجع إلى مكة حتى يطوف فهذا لا بد منه. ويصنع به في نفقته مثل ما يصنع به في ابتداء الحج. يدفع ذلك إلى من ينفقه عليه، ويؤمر الذي يلي النفقة عليه أن لا لنفق عليه راجعاً حتى يحضر حين يطوف بالبيت. فإن طاف بالبيت جنباً ثم رجع إلى أهله ثم طلب أن ينفق عليه حتى يعيد (?) الطواف قيل له: هذا يجزئك فيه المقام فلا ينفق