وقال أبو حنيفة: إن قال: أخذتها عارية منك، وجحد الآخر، فهو لها ضامن، لأنّه أضاف الفعل إلى نفسه، فهو ضامن لها حتى يردها. والباب الأول إنما أضاف الفعل إلى رب الدابة. وكذلك إذا قال: قبضتها منك عارية، وقال رب الدابة: بل غصبتني، فهو ضامن؛ لأنه أضاف الفعل إلى نفسه.
وإن أقر أنه استعارها إلى الحيرة وقال رب الدابة: إنما أعرتك إلى موضع دون ذلك، فالقول قول رب الدابة مع يمينه، فإن عطبت فيما بينها وبين الموضع الذي أقر به رب الدابة فلا ضمان على الراكب. فإن جاوز بها ذلك المكان فإن أبا حنيفة قال: هو ضامن حتى يردها إلى رب الدابة. فإن نفقت قبل أن يرجع بها إلى ذلك المكان الذي أعارها إليه أو بعدما رجع فلا يشبه هذا الوديعة: لو ركب (?) رجل دابة عنده وديعة فعطبت تحته ضمن. وإن نزل عنها ثم عطبت بعد ذلك لم يضمن؛ لأن المستودع ردها إلى موضع صاحبها الذي وضعها فيه، والمستعير ليس بموضع لها. ألا ترى أنه لو استعارها إلى الحيرة فأمسكها بالكوفة ولم يركبها ثلاثة (?) أيام أو أكثر أو يوماً ضمن، وصاحب الوديعة لا يضمن كان أمسكها شهراً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.
وإذا أقر الرجل بثوب في يديه عارية من رجل فقال له: أعرتنيه ولم تسم شيئاً، وقال رب الثوب: لم أعرك، فإن أبا حنيفة قال: إن لبسه فهو ضامن، وإن لم يكن لبسه فلا ضمان عليه. وإذا أقر رب الثوب أنه أعاره ليلبسه وادعى المستعير أنه لم يسم له شيئاً فإن لبسه المستعير فلا ضمان عليه. وإن أعطى غيره فلبسه ضمن بعد أن يحلف رب الثوب. وكذلك لو قال: أعرتكه ليلبسه فلان، وقال المستعير: بل أعرتنيه لألبسه أنا. وكذلك لو قال: أعرتكه لتلبسه يوماً، وقال المستعير: بل أعرتنيه يومين، فإن القول قول رب الثوب.