يشرب، فهو عندي آثم إن لم يفعل. ولا يشبه هذا الكفر وقذف المسلم؛ لأن الكفر وقذف المسلم أمر رخص فيه رخصة وتركه أفضل، ولم يجعل حلالاً إذا اضطر إليه كما جعلت الميتة ولحم الخنزير حلالاً لمن اضطر إليهما (?)، لأن شرب الخمر وأكل الميتة لم يحرم إلا بالنهي عنهما (?)، فإذا جاءت الضرورة ذهب النهي فصار بمنزلة ما لم ينه عنه، فإذا صار بمنزلة ما لم ينه عنه صار كغيره من الأطعمة التي لم ينه عن أكلها؛ وإن الكفر بالله لم يحلّله الله تعالى لبشر ولا يستقيم أن يحل على حال، إلا أن في الضرورة رخصة، وكذلك القذف هو (?) من مظالم الناس لا يحل من غير الضرورة بوجه من الوجوه.
ولو أن رجلاً قيل له: لنقتلنك أو لتحلقن رأس فلان ولحيته أو لتحبسنه في السجن أو لتقيّدنه أو لتبرأن من دينه أو لتشهدن عليه بالكفر، فأبى أن يفعل حتى قتل كان عندي في سعة، وإن فعل شيئاً مما أمر به كان ذلك واسعًا أيضاً إن شاء الله.
ولو أكره رجل رجلاً حتى يأخذ مال فلان فيدفعه إلى الذي أكرهه فإن كان الذي أكرهه يتهدّد بقتل أو بقطع (?) عضو من الأعضاء أو بضرب يخاف منه تلفاً (?) أو أمره بذلك أمراً ولم يتهدّده وهو يخاف إن قال: لا أفعل، صَنَعَ به بعض ما وصفت لك منه إلا أنه لم يتهدّده به رجوت أن يكون في سعة من أخذ مال الرجل ودفعه (?) إليه، لأن هذا بمنزلة المضطر، والضمان في هذا على الآمر، وليس على المأمور في شيء من هذا ضمان. وإنما يسعه هذا ما دام حاضراً عند الآمر، فإن كان أرسله ليفعل (?) فخاف إن ظفر به صَنَعَ به (?) ما تهدّده به فليس يحل له أن يُقدم على شيء من هذا، إلا أن يكون رسول الآمر (?) معه يخاف إن لم يفعل أن يؤدوه (?)