قياس قول أبي حنيفة إلا في خصلة واحدة: إذا كان الذي أكرهه موسراً فإن شاء الشريك الذي لم يكره ضمنه نصف قيمته، وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته. فإن ضمن الذي أكرهه رجع على العبد فاستسعاه في نصف قيمته، فإذا أدى ذلك إليه عتق وكان الولاء بين المعتق وبين الذي أكرهه نصفين.
وكذلك الإكراه على الطلاق: لو أكره رجل على أن يطلق امرأته ثلاثاً بتوعّد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً ففعل كان طلاقاً جائزاً ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. فإن كان لم يدخل بها فلها نصف ما سمى لها إن كان سمى لها صداقا. وإن كان لم يسم (?) فلها المتعة على زوجها، ويرجع بذلك على الذي أكرهه. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج صبيتين فجاءت امرأة فأرضعتهما (?) متعمدة للفساد على الزوج بانتا (?) من الزوج، وغرم الزوج لكل واحدة منهما نصف الصداق ورجع بذلك على المرأة التي أرضعتهما. أفلا ترى أن رجلاً لو تزوج امرأة فلم يدخل بها (?) حتى استكرهها ابنه فجامعها يريد بذلك الفساد على أبيه كان عليه الحد بالزنى، وكان على أبيه نصف المهر للمرأة ويرجع على ابنه بذلك، فكذلك الذي أكرهه يرجع عليه بما ضمن للمرأة. فإن كان الزوج قد دخل بها وقد أكرهه على طلاقها فلها المهر بما استحل من فرجها، وليس له على الذي أكرهه ضمان.
ولو أن رجلاً أكره بتوعّد بقتل أو حبس أو ضرب حتى تزوج امرأة على عشرة آلاف درهم ومهر مثلها ألف درهم كان النكاح جائزاً لا يرد ولا يبطل، ويكون للمرأة من العشرة آلاف مهر مثلها ألف درهم ويبطل الفضل؛ لأن الأثر المعروف جاء أن "ثلاث خصال هزلهن جد وجدهن جد: الطلاق والعتاق والنكاح" (?)، فهذه الأشياء الثلاثة لا (?) تبطل في هزل ولا جد ولا إكراه.