بمعنى "التخريج" في اصطلاح المتأخرين، أي قياس المسائل الفقهية الحديثة على المسائل الفقهية المعروفة في المذهب.
والاستحسان المستعمل مع القياس يعترضنا في مواضع كثيرة جداً من الأصل، ويشكل هذان المفهومان زوجاً اصطلاحياً يرجع إليهما في حل المسائل. فقد ذُكر في كثير من المسائل أن القياس يقتضي أمراً لكن الاستحسان يقتضي أمراً آخر، ثم تُرك العمل بمقتضى القياس وصير إلى العمل بالاستحسان. كما هو المفهوم من هنا فإن الاستحسان يشكل استثناءً من قاعدة عامة. وما يقتضي هذا الاستثناء قد يكون هو السنَّة أو القياس أو القاعدة العامة أو الاحتياط أو العرف أو الضرورة. وفي الغالب فإن الاستحسان يستعمل بمعنى القياس الدقيق والخفي الذي يقتضي تفكيراً أعمق في مقابل القياس الجلي الذي يكون بمعنى التشابه الظاهري، ويكون مراعاة العرف والقواعد العامة أهم الأسباب التي تكمن وراء الاستحسان. كما نرى أن للعرف مكانة هامة في المعاملات ما لم يكن مخالفاً للنص. وقد استدل في حل بعض المسائل بأحكام الشرائع السابقة التي وردت في القرآن الكريم. ورأينا أن الاستصحاب يستعمل حجة للدفع لا للاستحقاق، أي دليلاً في بقاء ما كان على ما كان لا في إثبات أمر جديد. وقد انتقد سد الذرائع وعمل أهل المدينة والاحتجاج بهما فيما وجه إلى أهل المدينة من انتقاد، لكن عمل بمبدأ سد الذرائع في الحالات التي تكون شبهة التأدية إلى الشر فيها قوية.
استعمل الشيباني أيضاً مصطلحات متعلقة بدلالات الألفاظ مثل النص والمفسر والمحكم، ولكن معانيها ليست واضحة تماماً كما استقرت عليه عند الأحناف المتأخرين. تدل مسائل الأصل على أن مطلق الأمر يدل على الوجوب، لكن القرائن يمكن أن تصرف دلالته إلى الندب أو الإباحة. تكلم الشيباني عن دلالة النهي على الفساد ووضح رأي الحنفية في هذه المسألة بشكل يتفق مع ما تحدث عنه الأصوليون الأحناف فيما بعد. كما أشار إلى قواعد ومصطلحات هامة في أصول الأحناف مثل تقديم المعنى الحقيقي على غيره، ومصطلحات العموم والخصوص ومسائلهما، واستنباط أحكام من