ذَلِك وَلم يسألوه فَلَمَّا أَعْطَاهُم تفكر فِي ذَلِك فَلم يدر أَغْنِيَاء هم أم لَا فان ذَلِك يجْزِيه فَإِن علم على أَي هَيْئَة كَانُوا حِين أَعْطَاهُم فَوَقع فِي قلبه أَن بَعضهم كَانَ مُحْتَاجا عَلَيْهِ هَيْئَة الْمُحْتَاج وَأَن بَعضهم كَانَ غَنِيا عَلَيْهِ هَيْئَة الْأَغْنِيَاء وَكَانَ على ذَلِك أكبر رَأْيه وَذَلِكَ بعد الْإِعْطَاء أجزته عطيته لمن كَانَ أكبر رَأْيه أَنه فَقير وَلم تجزه عطيته لمن أَكثر رَأْيه أَنه غَنِي لِأَن من خرج بِزَكَاة مَاله يُرِيد أَن يتَصَدَّق بهَا فَهُوَ عِنْدَمَا يُرِيد أَن يُعْطِيهَا الْفُقَرَاء فَمن أعْطى من النَّاس فَهُوَ فَقير يجْزِيه عطيته إِيَّاه إِلَّا أَن يكون أعْطى من أَكثر رَأْيه أَنه غَنِي فَإِذا كَانَ على ذَلِك لم تجزه عطيته إِلَّا أَن يعلم أَنه فَقير فتجزيه عطيته
فَأَما إِذا أعْطى رجلا يرى أَنه فَقير وَلم يسْأَله وَلم يَأْتِ من أمره أَمر يدل على أَنه فَقير فَظن أَنه فَقير فَأعْطَاهُ أَو أعطَاهُ على غير ظن حَضَره ثمَّ ظن بعد الْعَطِيَّة أَنه فَقير ثمَّ علم بعد ذَلِك أَنه غَنِي لم يجزه مَا أعطَاهُ لِأَنَّهُ أعطَاهُ على غير مَسْأَلَة وَلَا دلَالَة